سها و رسالة الواتساب
سها طالبة جامعية، تدرس في إحدى الجامعات الفلسطينية ، تسكن في قرية فلسطينية لا تبعد سوى بضع كيلومترات عن المدينة، تعيش بين عائلة مكونة من الأم والأب والأخ الذي يكبرها بخمس سنوات.
أمسكت سها جهازها المحمول، فوجدت رسالة لها على الواتساب من رقم غريب يبدو أنه من خارج فلسطين، فاستغربت وتساءلت في نفسها عن صاحب هذا الرقم، فتحت الرسالة، وتفاجأت بصور لها وهي ترتدي ملابس غير محتشمة، مكتوب تحت الصور رسالة: مرحباً، أنا يزيد أريد التحدث معك.
أخذت سها ترتجف من الخوف متساءلة: كيف وصلت صوري لهذا الشاب؟ ماذا يريد مني؟ ماذا سأفعل؟ بعدها اضطرت للموافقة على التحدث معه، فراسلته، فقام بتهديدها فوراً، وطلب منها مبلغ 4000 دولار عن طريق حوالة وسترن يونينون، وإلا سيقوم بنشر صورها. أصابتها صدمة كبيرة، فأغلقت جهازها سريعاً، وانهارت بالبكاء.
لم تنم سها تلك الليلة، وبعد أن بزغ الصباح، أمسكت بجوالها، وقررت أن تتحدث معه دون خوف، إلّا أنه ظل مصرّاً على المبلغ، وبعد محاولات جهيدة منها بتقليل المبلغ، وافق الشاب على مبلغ 1000 دولار.
أخذت تفكر: كيف سأؤمن هذا المبلغ؟ من أين لي بالمال وأنا ما زلت طالبة جامعية؟ وقالت في نفسها: يجب عليّ أن أقوم بتأمين المبلغ سريعاً، كي لا يقوم بنشر الصور للعامة، ويراها أبي وأخي اللذان سيقومانِ بقتلي فوراً، ليتخلصا من العار الذي سيلحق بهما بسببي.
قررت سها بيع جهاز الحاسوب الخاص بها بالرغم من حاجتها الماسة له في دراستها، فتحت خزانتها، وأمسكت بصندوقها الصغير الذي بداخله بضع قطع من الحليّ الذهبية التي جمعتها من عائلتها بعد نجاحها في الثانوية العامة، وضعت الصندوق بداخل حقيبتها، وأمسكت بجهازها الحاسوب، وخرجت من المنزل بحجة ذهابها إلى الجامعة.
استطاعت سها تأمين المبلغ بعد قيامها ببيع الحلي والجهاز، وبعد أن تحدثت مع الشاب وأخذت منه رقم الحساب، قامت بتحويل المبلغ إليه.
وبعد مرور أسبوع، عاد الشاب ليتحدث معها من جديد، ليبتزها مرة أخرى، ما اضطرها إلى أن تكذب على أهلها في أنها تريد أن تدفع القسط الجامعي؛ كي يتسنى لها التسجيل للفصل الدراسي الجديد. تكررت محاولات الابتزاز عدة مرات، ما دفعها إلى أن تطلب المال من صديقاتها. ظلت محاولات الابتزاز مدة ستة أشهر، وهو يسحب منها مبالغ مالية حتى وصلت تلك المبالغ بما قيمته 10000 دولار.
لم تستطع سها الاستمرار في تلك الطريقة، لعدم قدرتها دفع أي مبلغ إضافي له، فحين أبلغته بذلك، لجأ إلى طريقة جديدة بالابتزاز، إذ طلب منها أن توافق على ترتيب لقاء بينها وبين شخص آخر يدعى حازم، فهو مستعد لتغطية كامل المبالغ عنها مقابل أن تنفذ طلباته.
لطمت سها وجهها، وانهارت بالبكاء حتى وقعت على الأرض، نقلتها مركبة الإسعاف إلى المستشفى، مكثت في المشفى ثلاثة أيام، والعائلة لا تدري ما الذي أصاب ابنتهم! وبعد خروجها من المشفى، لم تستطع سها إخفاء الحقيقة عن أمها أكثر من ذلك، فالخوف والقلق سيقتلانها، صارحت أمها بالحقيقة، كادت الأم أن يغمى عليها من الخوف، أخذت تلوم ابنتها تارة، وتوبخها تارة أخرى. وفي النهاية ، هدأت من روع ابنتها التي كانت تفكر بالانتحار للهروب من المشكلة و حلست معها تفكر في حل مناسب.
أخذت الأم تفكر: ماذا ستفعل؟ كيف ستخلص ابنتها من يدي ذلك الشاب ؟ وفي الوقت ذاته كي تحمي ابنتها من أبيها وأخيها ومن ألسنة أهل القرية؟ خافت من أن تخبر أحداً وتنتشر القصة وينفضح أمر ابنتها، إلى أن قررت في النهاية أن تذهب إلى الأجهزة الأمنية في المدينة.
وفي اليوم التالي خرجت مع ابنتها إلى مركز الشرطة في المدينة، وروت لهم ما حدث، طمأنتها الأجهزة الأمنية بأنها ستتعاون مع الجهات المختصة لكشف المعتدي.
وبعد متابعة القضية من قبل الجهات المختصة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية تم التعرف على الجناة، وهم عصابة مكونة من ثلاثة أفراد من داخل الضفة الغربية، وشخص رابع سوري الجنسية يسكن في تركيا، تم إلقاء القبض عليهم، وإرجاع المبالغ المالية لسها، ثم قاموا بإبلاغ الأمن التركي الذي قام بدوره بإلقاء القبض على المعتدي الرابع.
شعرت سها بأنها ولدت من جديد، وقررت أن تتعامل بحذر أكثر على مواقع التواصل الاجتماعي ، واتخذت قراراً بعدم نشر أي صور لها على أي موقع، حتى لو كانت مرتدية الحجاب.
أثنت الأم على هذا القرار، ونصحتها بأن تركز في دراستها، ولا تضيع وقتها بلا فائدة على تلك المواقع، وأن تستخدم الانترنت للضرورة، وليس لنشر الأمور الخاصة بها سواءً كانت هذه الأمور صوراً أو معلومات.