رندة و لعبة ببجي
رندة، فتاة تبلغ من العمر اثنان وعشرون عاماً، خريجة إدارة أعمال و تعيش في قرية تبعد قليلاً عن إحدى المدن الفلسطينية.
ذات يوم ، جلست رندة أمام جهاز الحاسوب كعادتها لتلعب لعبة الببجي التي تحبها بشغف، إنها لعبتها المفضلة التي تلعبها مع العديد من صديقاتها ، أخذت تلعب الساعة تلو الأخرى حتى انضمت إلى فريق عشوائي. كان من بين اللاعبين شاب يدعى ليث، طلب منها أن تضيفه على موقع الفيسبوك؛ كي يتمكنا من اللعب مرة أخرى والتنسيق لساعات اللعب. وافقت رندة على ذلك، وقامت بإضافته على الفيس بوك، وأصبحا صديقين عبر الموقع.
مرت الأيام، اليوم تلو الآخر، وهما يلعبان يومياً بالساعات. حتى طلب الاتصال بها للتحدث معها، وبدأت المحادثات الصوتية بينهما، ثم تطورت العلاقة حتى وصلت بينهما في التحدث مع بعضهما عبر الفيديو.
ذات يوم ، رنّ جرس الهاتف، كان مدير إحدى الشركات التي ذهبت إليها رندة لتقابله، شعرت رندة وعائلتها بالبهجة والسعادة بعد أن أخبرها المدير بتعيينها موظفة في الشركة، انهمرت دموع الفرح من عيون أمها وهي تحتضن ابنتها التي كبرت، وحصلت على وظيفة بعد تعب طيلة سنوات الدراسة.
استلمت رندة عملها، كانت تلك الوظيفة التي تحلم بها، وبعد مرور شهر قررت أن تنهي علاقتها مع ليث، فأخبرته بقرارها عبر الموقع، ولكن رفض ليث ذلك، بحجة أنه يحبها ولا يستطيع العيش دونها، وظل يتصل بها ، حتى حصلت الصدمة، إذ أرسل لها رسالة صوتية يخبرها بأن جميع المكالمات الصوتية والفيديوهات بينهما تم تسجيلها ، وهددها بنشرها في حال ما زالت مصرة على إنهاء العلاقة.
شعرت رندة بالإحباط ، وأخذت تبكي، وبدأت ترتجف من الخوف متسائلة: ماذا أفعل؟ إلى من أذهب؟ ماذا سيفعل ابي وأخوتي وعمي وأبناء عمومتي بي إذا نفّذ تهديده؟ إذا وصلت التسجيلات إلى مكان عملي سأفقد وظيفتي التي كنت أحلم بها. اتصلت بلصديقتها سلمى وأخبرتها بما حدث، فاقترحت على رندة أن تستمر في العلاقة معه، وتخضع لتهديداته. شعرت رندة بأن صديقتها لا تريد لها الخير، وقررت ألا تتصل بها أبداً، ومع مرور الأشهر ظل ليث يتصل بها ويهددها، وهي لا تدري ماذا تفعل.
وفي صباح أحد الأيام، جلست رندة مع أمها تتناولان طعام الفطور، سألتها أمها عن سبب حزنها وانطوائها في تلك الفترة، ولكن رندة أخبرتها بأن هناك مشكلة في الشركة تخص زميلتها، ربتت الأم على كتف رندة وأخبرتها أن شاباً حسن الخلق، من عائلة محترمة، تقدم لخطبتها……
مر أسبوع والتقت رندة بالشاب الذي يدعى زيد في بيت أهلها، شعرت بالارتياح معه، إلى أن تمت كل إجراءات الخطبة، زاد خوف رندة وقلقها من أن يقوم ذلك الشاب الذي يبتزها يومياً بالاتصال بخطيبها، ساءت حالتها النفسية، ومكثت في الفراش يومين، وتغيبت عن وظيفتها، أخذت تفكر بالانتحار، إلى أن زارتها زميلتها منال التي جاءت لزيارتها؛ كي تطمئن عن حالتها الصحية التي جعلتها تتغيب عن الدوام.
أحست منال بالخوف والإكتئاب الذي يبدو على وجه رندة، سألتها عن السبب، قالت لها بأن مرضها هو السبب، لكن منال لم تقتنع بالكلام، أصرت عليها، وأخذت تتحدث معها بعبارات أشعرتها بالأمان والطمأنينة لها، إلى أن أخبرتها بما يحدث معها. طمأنتها بأنها ستقف بجانبها وتساعدها و استشارتها بأن تعرض القصة على ابن خالتها الذي يعمل في جهاز الشرطة فوافقت رندة على ذلك.
في اليوم التالي هاتفت منال رندة، وأخبرتها بأن ابن خالتها اقترح عليها أن تبلغ الجهات المختصة، واتفقت مع صديقتها على الذهاب لتقديم شكوى. بعد أن أنهت رندة المكالمة، شعرت بدافع كبيرة إلى الذهاب حالاً،حيث قدمت الشكوى وبدأ التحقيق بالقضية.
بعد مرور أسبوع، رنّ هاتف رندة، أخبرتها الجهة المختصة بنتيجة التحقيقات التي أسفرت عن كشف هوية المعتدي، واسمه الحقيقي أيمن وهو مواطن فلسطيني، يبلغ من العمر ثلاثون عاماً، تم إلقاءالقبض عليه؛ لاتخاذ المقتضى القانوني بحقه. وبعد انتهاء المكالمة، خرجت مسرعة إلى بيت زميلتها منال و شكرتها كثيراً.
قالت لها منال: من واجبي أن أقدم المساعدة لمن يحتاج، كيف وإن كان هذا المحتاج زميلتي التي أعمل وإياها في الغرفة ذاتها ؟! لكن لا أريد منك سوى أن تنتبهي في المرات القادمة، ولا تجري مكالمات صوتية وفيديوهات مع أي شاب لا تعرفينه، ولا تتحدثي أيضاً مع فتاة لا تعرفينها إلا بعد أن تتأكدي من هويتها؛ لأن الكثير من الشباب يدخلون بأسماء وهمية؛ كي يقوموا باستدراج الفتيات وابتزازهن.
قالت رندة: أعدكِ بذلك، فهذا درس لن أنساه أبداً. فمواقع التواصل على الرغم من نعمتها ، إلا أنها في الوقت ذاته قد تتحول إلى مصيبة.